الثلاثاء، 5 مايو 2015

أورام الرحم الليفية




تشكل أورام الرحم الليفية أكثر أورام الرحم غير السرطانية انتشاراً عند النساء في سن الإنجاب، فالأورام الليفية تتشكل من خلايا عضلية ومن أنسجة أخرى تنمو داخل وحول جدار الرحم. إن سبب الأورام الليفية غير معروف. لكن البدينات و النساء من أصل أفريقي معرضات لخطر الإصابة أكثر من باقي النساء


لا تظهر عند كثير من النساء أعراض تدل على وجود الأورام الليفية، وإذا ظهرت الأعراض فقد يكون من بينها: 

تكون الدورة الشهرية غزيرة ومؤلمة أو قد يظهر النزف بين دورتين 

الشعور "بالامتلاء" في أسفل البطن 

تكرار التبول 

ألم خلال الجماع 

ألم في أسفل الظهر 

مشاكل في الإنجاب، مثل عدم الإخصاب أو تكرار الإجهاض أو الولادة المبكرة 

تستطيع معظم النساء المصابات بالأورام الليفية أن يحملن بشكل طبيعي، أما عند اللواتي لا يستطعن الحمل فقد تساعدهن علاجات نقص الخصوبة على الحمل. تتضمن علاجات أورام الرحم الليفية تناول الأدوية التي تبطئ أو توقف نمو الأنسجة الليفية، أو إجراء عملية جراحية لاستئصال الليف. أما إذا لم تظهر أي أعراض فقد لا تحتاج المرأة إلى أي علاج. 


مقدمة
الأورامُ الليفية هي أورامٌ شائعة حميدة، تنمو في الرحم. ويمكنها أن تسبِّب ألماً شديداً ونزفاً غير طبيعي. 

توجد الأورامُ الليفية عند نحو ثلث النساء، لكنَّ معظمهنَّ لا تظهر لديهن أيَّة أعراض. 

يشرح هذا البرنامج التثقيفي طبيعةَ الأورام الليفية في الرحم وأسبابَها وأعراضها وتشخيصها وسبل معالجتها. 


لمحة تشريحية
الأعضاءُ التناسلية عند المرأة هي:
المَهبل.
الرحم.
قناتا فالوب.
المبيضان.


تقع الأعضاءُ التناسلية للمرأة بين المثانة والمستقيم. 

للمبيضين وظيفتان:
إنتاج هرمونات متخصِّصة، مثل الإستروجين والبروجستيرون.
الإباضة، أي تحرير البُويضات اللازمة للتكاثر أو الإنجاب.


تعدُّ الهرموناتُ التي ينتجها المبيضان ضروريةً من أجل انتظام مواعيد الإباضة، كما أنَّها تهيِّئ بطانةَ الرحم لاستقبال البويضة الملقَّحة واحتضان الحمل. 

بعد تحرُّر البويضة، تهبط إلى الرحم عبر قناة فالوب، حيث يمكن أن يتمَّ تلقيحُها. وإذا لم تُلقَّح البويضة، فإنَّها تُطرح مع بطانة الرحم إلى خارج الجسم في أثناء الطمث. 

الرحمُ عضو على شكل الإجاصة، يبلغ طولُه نحو سبعة سنتيمترات، ويتألَّف جدارُه من ثلاث طبقات؛ تُدعى الطبقةُ الداخلية من جدار الرحم بطانة الرحم. 

مع اقتراب سنِّ اليأس، تضطرب دورةُ الطمث، ثم تتوقَّف في النهاية. وبعد حدوث سنِّ اليأس، يتوقَّف المبيضان عن إنتاج الهرمونات والبويضات. 

حين تحمل المرأةُ، يبقى الجنينُ في الرحم حتَّى الولادة. والرحمُ قابل للتمدُّد كثيراً. والطبقةُ الوسطى العضلية في الرحم هي التي تولِّد تقلُّصات المخاض التي تدفع الجنينَ إلى الخارج. 

يُدعى الجزءُ السفلي من الرحم عنق الرحم، وهو ينفتح على المهبل. وينفتح المهبل على الوسط الخارجي بين الإحليل (فتحة المثانة) والمستقيم. 

تقع المثانةُ أمام المهبل والرحم، حيث تفرغ الكليتان البولَ إلى المثانة عبر أنبوبين هما الحالبان. 

تقع الأمعاءُ والمستقيم فوق المهبل والرحم وخلفهما. 


الأورام الليفية
الأورامُ الليفية في الرحم هي أورامٌ حميدة، تنمو في الطبقة العضلية التي تسبِّب التقلُّصات في أثناء المخاض. 

الورمُ هو نموٌّ غير طبيعي للخلايا والأنسجة. والأورامُ الحميدة هي أورامٌ غير سرطانية، ولا تنتشر. أمَّا السرطاناتُ فتدعى أوراماًً خبيثة، لأنَّها تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. 

تتألَّفُ الأورامُ الليفية في الرحم من عقيدات من الخلايا العضليَّة الملساء ومن نسيج ليفي ينمو في جدار الرحم. ويمكن أن ينمو الورمُ الليفي بشكل عقيدة وحيدة أو مجموعة من العقيدات. ويتراوح قطرُه من ميليمترات قليلة حتَّى عشرين سنتيمتراً. ويمكن أن تنمو الأورامُ الليفية ضمن جدار الرحم، أو على الجهة الداخلية من جدار الرحم، أو على سطحه الخارجي. 


أعراض الأورام الليفية
لا تظهر أيَّةُ أعراض في معظم الأورام الليفية؛ ويمكن أن تُكتَشف خلال الفحوص الروتينية. 

قد تعاني بعضُ النساء المصابات بأورام ليفية في الرحم من بعض الأعراض، مثل:
نزف مؤلم أو غزيز في أثناء الطمث.
نزف بين فترات الطمث.
شعور بالثقل في أسفل البطن.


من الأعراض الأخرى للأورام الليفية:
تكرار التبوُّل بسبب ضغط الورم الليفي على المثانة.
ألم في أثناء الجماع.
ألم في أسفل الظهر.



مضاعفات الأورام الليفية
في حالات نادرة، يمكن أن يضغط الورمُ الليفي على قناة فالوب، فيمنع تخصيبَ البويضة وانتقالها إلى الرحم، ممَّا يؤدِّي إلى العقم. وتعود الخصوبةُ بعد استئصال الورم الليفي عادة. 


أسباب الأورام الليفية
لا تزال العواملُ التي تسبِّب نموَّ الأورام الليفية في الرحم غيرَ معروفة. 

تظهر معظمُ الأورام الليفية في أثناء فترة الخصوبة من عمر المرأة، أي عندَ النساء اللواتي يحدث لديهنَّ الطمث؛ حيث تصيب الأورامُ الليفية نحو ربع عدد النساء في هذه الفترة من العمر. 

تكون نسبةُ الإصابة بالأورام الليفية عند النساء الرياضيَّات أقلَّ من نسبة الإصابة عند النساء اللواتي لا يمارسن الرياضة. 

كما أنَّ المرأةَ التي تعاني من زيادة الوزن تكون أكثرَ تعرُّضاً للإصابة بالأورام الليفية. ويبدو أنَّ النساء اللواتي سبق لهنَّ الحملُ والولادة أقلُّ تعرُّضاً لخطر الأورام الليفية. 


تشخيص الأورام الليفية
يمكن أن يشخِّصَ طبيبُ العائلة وطبيب الأمراض النسائية الأورامَ الليفية بسهولة، من خلال القصَّة المرضية وفحص منطقة الحوض؛ فالأورامُ الليفية من أكثر الأورام التي يجري تشخيصُها في حوض المرأة. 

يمكن اللجوءُ إلى التصوير بالأمواج فوق الصوتية لرؤية الأورام الليفية بصورة أفضل. 

كما يمكن اللجوءُ إلى الرنين المغناطيسي والتصوير المقطعي المحوسَب. 


علاج الأورام الليفية
لا تسبِّب معظمُ الأورام الليفية أيَّةَ أعراض، ولا تستدعي أيَّ إجراء علاجي سوى المراقبة الطبِّية الدوريَّة. 

بالنسبة للنساء اللواتي يعانين من آلام أو انزعاج عارض في الحوض، يكفي تناولُ مسكِّنات أو مضادَّات التهاب خفيفة تُصرَف من دون وصفة طبية. أمَّا الحالاتُ المزعجة، فقد تحتاج إلى أدوية أقوى تُصرَف بموجب وصفة طبِّية. 

إذا كانت الأورامُ الليفية مؤلمة كثيراً، أو كان لها أثرٌ سلبي في الخصوبة، فإنَّ الطبيب الجرَّاح قادر على استئصالها من غير استئصال الرحم. وتُسمَّى هذه العمليةُ استئصال الورم الليفي؛ وهي قد تسبِّب ضعفاً في جدار الرحم، ممَّا يعني أنَّ الولادات التي تعقب العملية يجب أن تتمَّ عن طريق العملية القيصرية. 

قد يقرِّر الطبيبُ أحياناً أنَّ إزالةَ الرحم كله مع الأورام الليفية هي العلاج الأفضل؛ وتُدعى هذه العملية استئصالَ الرحم. 

لا يمكن للمرأة أن تنجبَ بعد استئصال الرحم. ولذلك، على المرأة التي تفكِّر في استئصال الرحم أن تناقشَ مع طبيبها سلبيَّات هذه العمليَّة وإيجابيَّاتها. 

يمكن إعطاءُ المريضة علاجاً هرمونياً إذا لم تستجب للمسكِّنات وكانت العمليةُ الجراحية غير واردة؛ حيث ينقص العلاجُ الهرموني مستويات الإستروجين، ممَّا يؤدِّي إلى انكماش الرحم والأورام الليفية. 

هناك طرقٌ علاجيَّة جديدة للأورام الليفية، وهي:
الحلُّ العضلي.
سدُّ الشريان الذي يغذِّي الورمَ الليفي في الرحم.
الاستئصال بالأمواج فوق الصوتية المركَّزة.


الحلُّ العضلي هو عمليةٌ يتمُّ فيها إدخالُ إبرة كهربائية إلى الرحم، عبر شقٍّ صغير في البطن، لإتلاف الأوعية الدموية التي تغذِّي الأورام الليفية. 

سدُّ الشِّريان الذي يغذِّي الورمَ الليفي هو معالجةٌ تهدف إلى قطع الدم عن الرحم وعن الأورام الليفية بحيث تنكمش. وتعدُّ هذه الطريقةُ خياراً بديلاً عن استئصال الرحم واستئصال الورم الليفي. 

وفي هذه الحالة، تكونُ مدَّةُ النقاهة أقصرَ، ويقلُّ خطرُ الحاجة إلى نقل الدم بالمقارنة مع العمليَّات الجراحية الأخرى. ومن الممكن أن تُجْري المرأةُ عمليةَّ سدِّ الشريان الذي يغذِّي الورم الليفي، وأن تغادرَ المستشفى في اليوم نفسه. 

هناك خطرٌ بسيط لإصابة الورم الليفي المعالج بالعدوى، ولكن يمكن تلافي هذا الخطر عادة بإعطاء المضادَّات الحيوية. وتبيِّن دراساتٌ حديثة أنَّ الأورامَ الليفية المعالجة بطريقة سدِّ الشريان لا تعاود النموَّ، رغم أنَّنا نحتاج إلى معلومات متابعة الحالات لفترة أطول بعد العلاج. 

لا يمكن معالجةُ كلِّ الأورام الليفية عن طريق سدِّ الشريان؛ بل يجب أوَّلاً تقييمُ حالة كلِّ مريضة بواسطة التصوير بالأمواج فوق الصوتية أو بالرنين المغناطيسي، وذلك للتأكُّد من أنَّ الأورام الليفية سوف تستجيب لهذا العلاج. 

يُنصَح بهذا العلاج للنساء اللواتي:
لديهنَّ أورامٌ ليفية تسبِّب نزفاً غزيراً.
لديهنَّ أورامٌ ليفية تسبِّب الألم أو تضغط على المثانة أو المستقيم.
لا يرغبن باستئصال الرحم.
لا يرغبن بإنجاب المزيد من الأطفال.


أحياناً، وبعد العلاج عن طريق سدِّ الشريان الذي يغذِّي الورم الليفي في الرحم، قد تنتقل الجزيئاتُ المحقونة في الورم الليفي لقطع التروية الدموية عنه إلى المبيضين. وعند ذلك، يتوقَّف المبيضان عن العمل عند بعض النساء، وذلك لفترة قصيرة أو بصورة دائمة. 

يعلم الباحثون أنَّ عمليةَ سدِّ الشريان يمكن أن تؤثِّر في وظيفة المبيضين، لكنَّهم لا يعرفون بالضبط كيف تؤثِّر هذه العملية في الخصوبة؛ فإذا كانت المريضةُ تريد أطفالاً في المستقبل، فإنَّ عليها أن تناقشَ مع طبيبها خطرَ حدوث سنِّ يأس مبكِّر عندها، فهو خطرٌ محتمل وإن كان قليلاً. 

بسبب قلَّة عدد النساء اللواتي حملن بعد خضوعهن لعملية سدِّ الشريان، لم يتوصَّل الباحثون حتَّى الآن إلى معرفة ما إذا كان من المحتمل أن تزداد مخاطرُ مضاعفات الحمل بعد هذه العملية. 

الاستئصالُ بالأمواج فوق الصوتية المركَّزة الاستئصالُ بالأمواج فوق الصوتية المركَّزة إجراءٌ طبِّي يستعمل صورَ الرنين المغناطيسي لتوجيه هذه الأمواج حتى تستهدف الأورامَ الليفية في الرحم وتتلفها. 

يهدف هذا الإجراءُ إلى معالجة النساء اللواتي اكتفين من الإنجاب، أو النساء غير الراغبات في الحمل. ويعدُّ الاستئصالُ بالأمواج فوق الصوتية المركَّزة عمليةً غير جراحية (غير باضِعَة)، فهي لا تؤذي الرحم؛ بل إنها بديلٌ عن استئصال الورم الليفي أو استئصال الرحم أو الانتظار مع المراقبة أو العلاج بالهرمونات أو عملية سدِّ الشريان الذي يغذِّي الأورام الليفية. 

يجمع الاستئصالُ بالأمواج فوق الصوتية المركَّزة بين نظامين: جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي لرؤية تفاصيل الحالة وتحديد حجم النسيج الليفي الذي يجري علاجُه ومراقبة درجة حرارة نسيج الرحم بعد تسخينه، وجهاز إصدار الأمواج فوق الصوتية المركَّزة الذي يقوم بتسخين النسيج الليفي وإتلافه باستخدام أمواج صوتية عالية التواتر وعالية الطاقة. 

تحتاج المعالجةُ إلى تكرار استهداف وتسخين النسيج الليفي في أثناء استلقاء المريضة في جهاز الرنين المغناطيسي. ويمكن أن تستمرَّ هذه العمليةُ ثلاثَ ساعات. 

يمكن استخدامُ هذه الطريقة لمعالجة بعض الأورام الليفية، وليس جميعها؛ فالأورامُ الليفية القريبة من أعضاء حسَّاسة، مثل الأمعاء أو المثانة، أو الأعضاء الواقعة خارج مجال الصورة، لا يمكن معالجتُها بهذه الطريقة. 


الخلاصة
الأورامُ الليفية في الرحم أورامٌ رحمية غير خبيثة، وهي شائعةٌ جداً. ومعظمُ النساء المصابات بأورام ليفية لا يحتجن إلى أيِّ علاج. 

أمَّا بالنسبة للنساء اللواتي يحتجن إلى العلاج، فقد يكون تناولُ المسكِّنات كافياً. وتعدُّ المعالجاتُ الجراحية وغير الجراحية ناجحة جداً في الحدِّ من حجم الأورام الليفية أو استئصالها مع الرحم إذا اقتضى الأمر. 

بفضل التقدُّم الطبِّي، يمكن للنساء المصابات بأورام ليفية أن يعشن حياةً عادية وصحِّية! 

0 التعليقات:

إرسال تعليق