الثلاثاء، 5 مايو 2015

سرطان القولون




إن سرطان القولون إصابة منتشرة تصيب الأمعاﺀ الغليظة. يمكن أن يكون سرطان القولون حالة مُهدّدة للحياة ولكنه، إذا ما اكتُشف مبكراً قابل إلى حدّ كبير للمعالجة، وذلك بواسطة الجراحة والمعالجة الشعاعية و/أو الكيميائية. يبدأ سرطان القولون عادة على شكل تكاثر زائد لخلايا طبيعية، وهو ما يُسمّى البوليبات أو السليلات. كلما اكتُشفت هذه السليلات وأُزيلت في وقت مبكر، كلما كانت فرصة تفادي حصول سرطان القولون أو شفائه أفضل. تميل الإصابة بسرطان القولون إلى أن تكون عائلية، أي وراثية، لذلك فإن على من لديه أقارب مصابين أن يخضع لفحوص منتظمة. ومن العوامل الأخرى التي تساعد على حصول السرطان: الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالدهون الفقيرة بالألياف، أو الالتهابات المتكررة في القولون. قد يساعد تناول الأسبرين بانتظام في تخفيف خطر الإصابة بسرطان القولون. يُشتبه بالإصابة بسرطان القولون إذا أظهرت الفحوص أن هناك دم في البراز. كما أن الطبيب قد يكتشف خلال عملية مسّ شرجي روتيني آفة في الشرج أو المستقيم. هناك نوعان من أنواع التنظير يتيحان للطبيب رؤية ما بداخل القولون هما تنظير القولون والتنظير السيني. وكما بالنسبة لأنواع أخرى من السرطان، فإن الكشف المبكر بواسطة الانتباه للعلامات المحذرة من سرطان القولون يمكن أن تحسن من نتائج المعالجة. 
مقدمة
يعدُّ سرطانُ القولون مرضاً شائع نوعاً ما ، حيث يُصاب شخص من كلِّ خمسة عشر شخصاً بسرطان القولون. 

قد يكون سرطانُ القولون الذي يصيب الأمعاءَ الغليظة مرضاً مميتاً. ولكنَّه نوعٌ من أنواع السرطان قابلٌ للشفاء إذا تمَّ اكتشافُه مبكِّراً. 

يشرح لك هذا البرنامجُ التثقيفي مرضَ سرطان القولون وطرق علاجه. 


تشريح القولون
يشكِّل القولونُ الجزءَ الأخير من الأمعاء، ويبلغ طولُه خمس أقدام. 

ينتقل الطعامُ الذي نمضغه عبر المريء أو أنبوب التغذية. 

ثمَّ ينتقل الطعامُ إلى المعدة، حيث يجري هضمُه. 

بعد ذلك، ينتقل الطعامُ المهضوم من المعدة إلى الأمعاء الدقيقة، حيث يتمُّ هضمُ الموادِّ المغذِّية بشكل جزئي وامتصاصها. 

تصل الأليافُ والطعام المهضوم إلى القولون في نهاية المطاف، حيث يجري امتصاصُ باقي المواد المغذِّية، ويتشكَّل البراز. 

يجري تخزينُ البراز في القسم الأخير من القولون، أو القولون السيني والمستقيم، قبل إفراغه. 

تمدُّ الشرايينُ القولونَ بالدم، بينما تعيد الأوردةُ الدمَ إلى القلب. 

يصرِّف النسيجُ اللمفي والعقدُ اللمفيَّة السائلَ الفائض نحو مجرى الدم. 

تساعد العقدُ اللمفيَّة في مكافحة عدوى القولون والسرطان قبل انتشاره إلى باقي الجسم. 

للقولون عدَّةُ أقسام، وهي:
القولون الصاعد.
القولون المستعرض أو المعترض.
القولون النازل.
القولون السيني.
المستقيم والشرج.



السرطان وأسبابه
يتألَّف الجسمُ من خلايا صغيرة جداً. 

تنمو خلايا الجسم، وتموت بطريقة مضبوطة. 

لكن، تستمرُّ الخلايا في الانقسام والنموِّ بشكل غير مضبوط أحياناً، ممَّا يسبِّب ظهور نموٍّ غير طبيعي يُسمَّى الورمٍ. 

إذا لم ينتقل الورمُ إلى الأنسجة المجاورة والأعضاء الأخرى من الجسم، يسمَّى ورماً حميداً أو غير سرطاني. ولا تسبِّب الأورامُ الحميدة الموت غالباً. 

يبدأ السرطانُ، مثل سرطان القولون، كزيادة في نموِّ الخلايا الطبيعية عادةً، ويسمَّى بوليباً أو سليلة. وقد تستمرُّ الخلايا في البوليب بالنموِّ بشكل غير منضبط وبلا تحكُّم. وإذا لم يتمَّ اكتشافُها، فقد تصبح سرطانية. وكلَّما تمَّ اكتشاف البوليبات مبكِّراً واستئصالها، زادت فرصُ تفادي السرطان وشفائه نجاحاً.

إذا انتشر الورمُ في الأنسجة المجاورة ودمَّر خلاياها، يُسمَّى ورماً خبيثاً أو سرطاناً. ويعدُّ السرطانُ مرضاً مميتاً. 

قد تنتشر الخلايا السرطانية إلى أجزاء أخرى من الجسم عبر الأوعية الدموية والأقنية اللمفيَّة. 

اللمفُ هو سائلٌ شفَّاف ينتجه الجسمُ لتصريف الفضلات من الخلايا. وينتقل اللمفُ عبر أوعية خاصَّة وبنيات تشبه حبَّة الفاصولياء في الشكل تُسمَّى العقد اللمفيَّة. 

تهدفُ معالجاتُ السرطان إلى قتل الخلايا المتكاثرة بشكلٍ غير طبيعي أو التحكُّم بها. 

تأخذ أنواعُ السرطان أسماءها من الأعضاء التي يبدأ فيها الانتشارُ من الجسم. ويُسمَّى السرطانُ سرطانَ القولون إذا بدأ في القولون، حتَّى إذا انتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم. 

بالرغم من قدرة الأطبَّاء على اكتشاف موضع بدء السرطان، إلاَّ أنَّهم لا يستطيعون معرفة سببه عادةً.

يبدو أنَّ سرطان القولون مرضٌ وراثي، حيث يُصاب به عدَّةُ أشخاص من عائلة واحدة. لذا على الأشخاص الذين لديهم أقارب مصابون بسرطان القولون إجراء فحوصات للتأكُّد من وجود أيٍّ من علامات المرض بشكلٍ منتظم. 

تحتوي الخلايا على موادَّ وراثية أو جينية تُسمَّى الكروموسومات. وتتحكَّم هذه الموادُّ الجينية بنموِّ الخلايا. 

يسبِّب السرطانُ حصولَ تغيير في الكروموسومات دائماً. وحين تصبح الموادُّ الجينية في الخلية غير طبيعية، تفقد القدرةَ على التحكُّم بنموِّها. 

قد تحصل التغيُّراتُ المفاجئة في الموادِّ الجينية لعدَّة أسباب؛ فقد يكون هذا التغيُّرُ وراثياً. كما قد تحصل التغيُّراتُ نتيجة التعرُّض للأمراض والمخدِّرات والتبغ والمواد الكيميائية وعوامل أخرى. 

يمكن أن يزيد التهابُ القولون المتكرِّر من خطر الإصابة بسرطان القولون. ولذلك، على المصابين بالتهاب القولون إجراء فحوصات للتأكُّد من ظهور علامات سرطان القولون بشكل دوري. 

لقد أثبتت الدراساتُ أنَّ الأشخاصَ الذين يتناولون نظاماً غذائياً غنيَّاً بالألياف وفقيراً بالدهون هم أقلُّ عرضة للإصابة بسرطان القولون من الأشخاص الذين يتناولون الكثير من الدهون والقليل من الألياف. كما تشير دراساتٌ أخرى إلى أنَّ الأشخاص الذين يتناولون دواء الأسبرين بانتظام هم أقلُّ عرضةً للإصابة بسرطان القولون. 


أعراض سرطانه القولون وأسبابه
تقوم أفضلُ طريقة لعلاج سرطان القولون على الاكتشاف المبكِّر، حتَّى قبل ظهور أيَّة أعراض. 

من الضَّروري جداً إجراءُ فحوصات سنوية، لأنَّ اكتشاف سرطان القولون مبكِّراً يساعد على علاجه بشكل أفضل. 

يجب أن تعتمد درجةُ فحص القولون على:
السنِّ.
التاريخ الصحِّي العائلي.
تاريخ المريض الصحِّي.


بالنسبة للمرضى المصابين بأمراض القولون، أو الذين لديهم أقارب مصابون بمشاكل مشابهة، عليهم إجراء فحوصات القولون بشكل متكرِّر. وإذا لم يتمَّ اكتشافُ سرطان القولون عبر فحص القولون العادي أو فحص الدم، فقد يُشخَّص بطرق أخرى. 

تكون الأوعيةُ الدموية لدى مريض السرطان أكثرَ هشاشة، وتنزف بسهولة أكثر من الأوعية الدموية الطبيعية. لذلك، قد يؤدِّي سرطانُ القولون إلى نزفٍ داخل القولون، ثمَّ يختلط الدم مع البراز. وقد يكون الدمُ في البراز أحمرَ فاقع اللون، أو قد يغيِّر لونَ البراز فيصبح بنِّياً داكناً أو أسودَ قاتماً، وذلك وفقاً لمقدار بُعد مكان السرطان عن المستقيم. 

لا يعني وجودُ دم في البراز أنَّ المريض مُصاب بالسرطان، فهناك حالاتٌ مرضية أخرى تسبِّب نزفَ الأمعاء أو القولون، ومنها القرحةُ والبواسير والالتهابات. كما قد يسبِّب سرطانُ القولون تغيُّراً في عادات التبرُّز، كالإسهال والإمساك. 

إذا أصبح حجم سرطان القولون كبيراً جداً، فقد يسبِّب انسدادَ الأمعاء الغليظة. ويشعر المريضُ عندئذٍ بألم شديد في البطن وغثيان، ويُصاب أحياناً بالتقيُّؤ، ويعجز عن إخراج الريح أو التبرُّز. وقد تصبح تلك الحالةُ طارئة، تستدعي عمليةً جراحية فورية. 


تشخيص سرطان القولون
قد يشكُّ الطبيبُ في إصابة المريض بسرطان القولون إذا تمَّ اكتشاف دم في البراز. وهناك فحصٌ روتيني بسيط متوفِّر اليومَ يكشف وجودَ الدم في البراز. 

إذا لم يتمَّ اكتشافُ الدم في البراز لفترة طويلة، فقد يفقد المريضُ كمِّية كبيرة من الدم، ويُصاب بفقر الدم. وتشكِّل أعراضُ فقر الدم الدوخة وخفَّة الرأس والشعور بالتعب طوالَ الوقت. 

تكتشف فحوصاتُ المستقيم بالإصبع (المسُّ الشرجي) وجودَ آفة نامية في الشرج والمستقيم. كما قد يكتشف الطبيبُ وجود بوليب أو آفة سرطانيَّة في أثناء فحص القولون بالمنظار. 

هناك نوعان من فحوصات القولون التنظيريَّة؛ أوَّلها تنظيرُ السِّيني، حيث يدخل الطبيبُ منظاراً مرناً في المستقيم والقولون السيني، وهما الجزآن السُّفْليان من القولون. وبعد إدخال المنظار، يستطيع الطبيبُ رؤيةَ ما في الداخل واكتشاف أيَّة شذوذات. 

أمَّا النوعُ الثاني من الفحوصات التنظيرية فهو تنظيرُ القولون، حيث يدخل الطبيبُ منظاراً أكثر مرونة عبر المستقيم يصل إلى أوَّل قسم من القولون، وهو القولونُ الصاعد. وهذا الفحص أكثر شمولية من تنظير السِّيني. 

قد يحتاج المريضُ إلى إجراء أحد هذين الفحصين بانتظام وفقاً لسنِّه وتاريخه الطبِّي وتاريخ عائلته الطبِّي. وقد تصبح هذه الفحوصاتُ ضرورية إذا اكتشفت الطبيبُ دماً في البراز، ولم تتمَّ معرفة السبب. 

يمكن أخذُ عيِّنة من النسيج الشاذ أو البوليبات التي يتمُّ اكتشافها في أثناء التنظير، وتُسمَّى هذه العيِّنة خزعة. ويقوم اختصاصي التشريح المرضي بفحص الخزعة تحت المجهر؛ وإذا وجد أنَّ الشذوذ سرطاني، فيجب معالجتُه. 

هناك فحوصاتٌ أو اختبارات أخرى لتشخيص الإصابة بسرطان القولون؛ حيث يوجد الفحص بالتصوير المَقطَعِيِّ المُحوَسب. وفيه، يوضع المريضُ في آلة أسطوانية الشكل، لها فتحةٌ كبيرة؛ ويتمُّ إدخالُ الجسم عبر الفتحة، ثم تُؤخَذ بعضُ الصور الشعاعية لرؤية ما في داخل البطن. 

تعدُّ حقنةُ الباريوم فحصاً آخر لسرطان القولون، حيث يتمُّ حقن سائل طبشوري أبيض اللون، يُسمَّى الباريوم، داخل القولون؛ ثمَّ تُجرى صورةٌ شُعاعية لاكتشاف درجة انتشار السرطان. 


علاج سرطان القولون
تُجرى جراحةٌ لاستئصال أكبر قدر ممكن من الورم، دون التسبُّب بأيِّ خطر، لدى معظم مرضى سرطان القولون. كما يتمُّ استئصالُ بعض العقد اللمفيَّة في البطن، والتي يتمُّ فحصُها للتأكُّد من وجود السرطان. 

إذا تبيَّن أنَّ السرطانَ قد انتقل إلى أعضاء أخرى في البطن، فقد يتمُّ استئصال بعض السرطان منها أيضاً. 

قد يُضطرُّ الجرَّاح إلى تغيير مسار القولون إلى خارج الجسم، ويعتمد ذلك على مكان السرطان في القولون، ويسمَّى ذلك فغر القولون. وفي بعض الأحيان، يجري إغلاقُ الفغرة جراحياً بعد عدَّة أشهر. 

قد يحتاج المريضُ إلى علاج إضافي بعد الجراحة، وقد لا يحتاج إليه، ويعتمد ذلك على سرعة نموِّ السرطان وانتشاره إلى الأعضاء الأخرى. وإذا كان المريضُ بحاجة إلى علاج إضافي، فقد يوصي اختصاصي الأورام بالعلاج بالأشعَّة أو بالعلاج الكيميائي. 

يُستخدَم العلاجُ بالأشعَّة مع المرضى الذين يصيبهم السرطانُ في المستقيم عادة، حيث يُعطى العلاجُ بالأشعَّة قبل الجراحة أحياناً. ويتضمَّن هذا العلاج عدَّةَ جلسات تُعالج فيها أماكنُ السرطان بأشعَّة عالية الطاقة. كما يُعطى العلاج مرَّة يومياً عادةً خلال أيَّام الأسبوع، ويستمرُّ بضعةَ أسابيع. 

يُعطى العلاجُ الكيميائي عن طريق الفم أو عن طريق الحقن بالوريد. ويحتوي هذا العلاج على موادَّ كيميائيةٍ قوية جداً، وهي تسبِّب الغثيان والقيء وتساقط الشعر أحياناً. 

تزيد فرصةُ نجاة مرضى سرطان القولون من الموت كلَّما تمَّ اكتشاف المرضُ مبكِّراً وعلاجه جراحياً. 


الخلاصة
سرطانُ القولون هو مرضٌ شائع، يصيب آلافَ الأشخاص سنوياً. 

يوصي الأطبَّاء بإجراء جراحة لاستئصال سرطان القولون عادةً، وهي تكون ناجحة عموماً. كما قد يحدُّ العلاج بالأشعَّة والعلاج الكيميائي من خطر انتشار السرطان. 

كلما تمَّ اكتشافُ سرطان القولون مبكِّراً، زادت فرصةُ نجاة المريض من الموت. لذلك من الضروري جداً إجراءُ فحوصات بانتظام للكشف المبكِّر عن السرطان واستئصاله من الجسم

0 التعليقات:

إرسال تعليق