الثلاثاء، 5 مايو 2015

السَّرطانُ المبيضيُّ



حدث السَّرطانُ المبيضيُّ عند النِّساء اللواتي تجاوزن الخمسين من العمر عادةً، ولكنَّه قد يصيب النّساءَ الشابَّات أيضاً. ويعدُّ اكتشافُ السَّرطان المبيضيِّ في وقت مبكِّر أمراً صعباً، كما أنَّ سببَه يبقى مجهولاً. 


تكون فرصةُ المريضة في الشِّفاء أكبر إذا تمَّ اكتشافُ السَّرطان المبيضيِّ وعلاجه مبكّراً. ولكنَّ السَّرطان المبيضيَّ مرضٌ يصعب اكتشافُه مبكِّراً؛ حيث لا تشكو المرأةُ المصابة في معظم الأحيان من أيَّة أعراض، أو تشكو من أعراضٍ بسيطةٍ حتَّى يبلغ المرضُ مرحلةً متقدِّمة، ويصبح من الصَّعب معالجته. وقد تتضمَّن الأعراض ما يلي: 

الشعور بالثِّقل في الحوض. 

الألم أسفلَ البطن. 

نزف من المهبل. 

زيادة أو نقص الوزن. 

عدم انتظام الطَّمث. 

ألمٌ غير واضح أسفل الظَّهر يزداد مع مرور الوقت. 

غازات في البطن أو غثيان أو تقيُّؤ أو فقدان للشهيَّة. 

تكون المعالجةُ جراحيّةً عادةً، وتأتي بعدها المعالجةُ بأدويةٍ تُدعى المعالجةَ الكيميائيَّة. 
مقدِّمة
يعدُّ سرطانُ المَبيض نادراً نسبيَّاً. 

يحدث سرطانُ المَبيض عند النساء اللواتي تجاوزن الخمسين من العمر غالباً، ويبدو أنَّه قد يكون وراثيَّاً في بعض الأحيان. 

يساعد هذا البرنامجُ التثقيفيُّ الموَجَّه للمرضى على فهم كيف يُكتشف سرطانُ المَبيض، وكيف يُعالج. 


تشريح الجهاز التناسلي الأنثوي
يتألَّفُ الجهازُ التناسليُّ الأُنثويُّ من:
المَهبِل.
الرَّحم.
البوقَين أو قناتَي فالوب.
المَبيضَين.


تتوضَّعُ الأعضاءُ التناسلية المؤنَّثة في منطقة الحوض بين المثانة والمستقيم. 

للمبيضين وظيفتان رئيسيَّتان، إحداهما هي الإباضة، وهي تحرير البيوض اللازمة للتكاثر أو الإنجاب. 

والوظيفةُ الرئيسيَّة الثانية للمبيض هي إنتاج هرمونات متخصِّصة، مثل الإستروجين والبروجستيرون. وتساعد هذه الهرموناتُ على تنظيم عملية الإباضة؛ كما أنَّها تهيٍّئ بطانة الرحم لاحتضان الحمل أيضاً. 

حين تتحرَّر البويضة، تهبط إلى الرحم عبر البوق أو قناة فالوب، وفي طريقها يمكن أن تُلقَّح. 

وإذا لم تُلقَّح البويضةُ، فإنَّها تُطرَح مع البطانة الداخلية للرحم إلى خارج الجسم خلال فترة الطمث. 

للرحم شكلُ الإجاصة؛ يبلغ طولُه سبعة سنتيمترات تقريباً، ويتألَّف من ثلاث طبقات. 

تُدعى الطبقةُ الداخلية للرحم بطانةَ الرحم. وإذا كانت وظيفةُ المبيضين طبيعية، ولم تكن المرأة حاملاً، فإنَّ بطانة الرحم تُطرح إلى خارج الجسم خلال فترة الطمث. وتحدث هذه العمليَّةُ مرَّة في الشهر. 

تصبح الدورةُ الطمثيَّة غيرَ منتظمة مع اقتراب سنِّ الإياس، ثم تتوقَّف في النهاية. ويحدث الإياسُ حين يتوقَّف المبيضان عن إنتاج الهرمونات وإنتاج البويضات. 

يبقى الجنينُ في الرحم حتَّى الولادة حين تحمل المرأة. وتكونُ الرحم قابلةً للتمدُّد كثيراً. كما أنَّ الطبقةَ الوسطى في الرحم، أي الطبقة العضليَّة، هي المسؤولة عن توليد تقلُّصات المخاض التي تؤدِّي إلى ولادة الجنين. 

ويُدعى الجزءُ السفلي من الرحم عنقَ الرحم، وهو ينفتح على المهبل. أمَّا المهبلُ فهو ينفتح على الوسط الخارجي بين الإحليل "فتحة المثانة" والمستقيم. 

تتوضَّع المثانةُ أمامَ المهبل والرحم. وتفرغ الكليتان البولَ في المثانة عبر أنبوبين هما الحالبان. 

تتوضَّع الأمعاءُ والمستقيم فوق المهبل والرحم وخلفهما. 


السرطانُ وأسبابه
يتكوَّن الجسمُ من خلايا صغيرة جداً. 

تنمو الخلايا الطبيعية في الجسم وتموت وفقَ آليَّة مضبوطة. 

تواصل الخلايا انقسامَها ونموَّها أحياناً، وتخرج عن السيطرة الطبيعية، ممَّا يسبِّب نمواً شاذاً يُدعى الورم. 

يدعى الورمُ حميداً، أي غير سرطانيٍّ، إذا كان لا يهاجم الانسجة المجاورة وأجزاء الجسم الأخرى. ولا تشكِّل الأورامُ الحميدة في العادة خطراً على حياة المريض. 

أمَّا إذا كان الورمُ يغزو الخلايا المجاورة ويدمِّرها، فإنَّه يُدعى ورماً خبيثاً، أو سرطاناً. ويمكن أن يُشكِّل السرطانُ خطراً على الحياة في بعض الأحيان. 

تنتشر الخلايا السرطانية أحياناً إلى مختلف أنحاء الجسم عبر الأوعية الدموية والقنوات "الأوعية" اللِّمفِيَّة. 

اللِّمفُ هو سائلٌ شفَّاف موجود في الجسم، يقوم بتخليص الخلايا من الفضلات؛ حيث يسير اللمفُ عبر أوعية خاصَّة وأجسامٍ تشبه حبَّات الفاصوليا تُدعى العُقدَ اللمفيَّة. 

يقومُ الهدفُ من أدوية السرطان على قتل الخلايا السرطانية أو السيطرة على تكاثرها الشاذِّ. 

تُسمَّى السرطاناتُ اعتماداً على المكان الذي بدأ ظهورُها فيه؛ فالسرطانُ الذي يبدأ في المبيض يُسمَّى سرطان المَبيض، حتَّى إذا لم ينتشر إلى أماكن أخرى من الجسم. 

يستطيع الأطبَّاءُ تحديدَ المكان الذي بدأ فيه السرطان، إلاَّ أنَّهم لا يستطيعون معرفةَ سبب السرطان في كلِّ الحالات. 

تحوي الخلايا موادَّ وراثية أو جينية تُدعى الصِّبغيَّات. والصبغياتُ هي التي تتحكَّم بنموِّ الخلايا وتكاثرها.

يبدأ السرطانُ دائماً من تغيُّرات تطرأ على الصبغيات. وعندما تُصاب صبغياتُ الخلية بحالة شذوذ، يمكن أن تفقد الخليةُ قدرتَها على ضبط تكاثرها. 

قد تحدث تغيُّراتٌ مفاجئة في المادَّة الوراثية، وذلك لأسباب عديدة. وتكون أسبابُ بعض هذه التغيُّرات وراثية أحياناً. كما يمكن أن تحدث التغيُّراتُ في الصبغيات بسبب التعرُّض للعدوى أو الأدوية أو التبغ أو العناصر الكيميائية أو غيرها من العوامل. 


أعراض سرطان المبيض
لا تظهر أعراضُ سرطان المَبيض وعلاماته، للأسف، إلاَّ بعد أن يكون السرطانُ قد بلغ مرحلةً مُتقدِّمة. 

يمكن أن تظهر أعراض أكثر التباساً (مخاتلة) في مرحلةٍ مبكِّرة، ولكن يتمُّ تجاهلُها أوعدم الانتباه إليها غالباً. 

يميل سرطانُ المَبيض للانتشار إلى الأعضاء الأخرى داخل البطن، في المنطقة المعروفة باسم الصِّفاق (البريتوان)؛ وهذا ما يمكن أن يسبِّب آلاماً مُبرِّحة، وخاصَّة في منطقة الحوض. 

يمكن أن يؤثِّرَ هذا الألمُ في الساقَين والقدمَين إذا أُصيبت الأعصابُ التي تجتاز الحوضَ في طريقها إلى الساقَين. 

تتراكم في البطن كمِّياتٌ كبيرة من السوائل كَرَدِّ فعل على الورم، وهذا ما يُسمَّى الحَبَن أو الاستسقاء. وقد يؤدِّي الحَبَنُ إلى زيادةٍ ملحوظة في حجم البطن ومحيط الخصر. 

يعدُّ الغثيانُ والقيء والشعور بالإرهاق ونقص الوزن من أعراض سرطان المَبيض أيضاً. 

كما قد يكون ّالنزفُ الشاذُّ من المهبل من علامات سرطان المَبيض أيضاً. 

تقومُ الطريقةُ المُثلى للكشف المُبكِّر عن سرطان المَبيض على مُراجعة طبيب الأمراض النسائيَّة بانتظام. 


أسباب سرطان المبيض
لا يزال سببُ سرطان المَبيض مجهولاً. وهو ما يظهر في النساء فوق سنِّ الخامسة والثلاثين عادة، ويصيب بشكل خاص النساءَ اللواتي تجاوزن الخمسين. ويعدُّ سرطانُ المَبيض أكثر انتشاراً بين النساء من العرق القوقازي. 

تكون النساءُ اللواتي سبق أن تعرَّض أفرادٌ من أُسرهنَّ للإصابة بسرطان المَبيض، أو سرطان الثدي أو سرطان القولون، مُعرَّضات أكثر من غيرهن لخطر الإصابة بسرطان المَبيض. 

كما أنَّ النساء اللواتي سبق أن أُصبن بسرطان الثدي أو سرطان القولون هنَّ أكثر تعرُّضاً للإصابة بسرطان المَبيض أيضاً. 

وجد العلماءُ أنَّ العواملَ التالية تزيد قليلاً من خطر الإصابة بسرطان المَبيض:
ظهور أوَّل دورة طمثية في سنٍّ مبكِّرة "البلوغ المبكِّر"
تأخُّر سنِّ الإياس
استعمال الأدوية التي تزيد الخصوبة
عدم الإنجاب


وبالمثل، وُجِد أنَّ العواملَ التالية تقلِّل من خطر الإصابة بسرطان المَبيض:
استخدام حبوب منع الحمل
الحمل والولادة
الإرضاع من الثدي


كما وُجد أنَّ العواملَ التالية تزيد من خطر الإصابة بسرطان المَبيض:
استعمال المُعالجة الهرمونيَّة المُعيضة بعد سنِّ الإياس
استعمال "التالك" في المنطقة التناسلية لسنوات عديدة
التعرُّض للأسبست (الأميانت) "الحرير الصخري"


يبدو أنَّ ربط الأنابيب، وهو أحدُ أشكال منع الحمل، يُقلِّل، ولأسباب غير معروفة، من خطر الإصابة بسرطان المَبيض. 

من المهمِّ أن نلاحظ أيضاً أنَّ النساءَ اللواتي تعرَّضن لعملية استئصال الرحم والمبيضَين يَكُنَّ أقلَّ تعرُّضاً للإصابة بسرطان المَبيض. ومع ذلك، تبقى هناك فرصةٌ ضئيلة للغاية للإصابة بسرطان المَبيض، رغم استئصال المبيضين. 

وُجِد أنَّ بعضَ الجينات الموروثة تزيد من خطر الاصابة بسرطان المَبيض؛ ومن هذه جيناتُ BRCA1 و BRCA2 التي تبيَّنَ أنَّها تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي أيضاً. كما وُجد أنَّ جينات أخرى لها صلة بسرطان القولون يمكن أن تزيدَ من خطر الاصابة بسرطان المَبيض أيضاً. 

بالنسبة للنساء اللواتي لديهنَّ تاريخٌ عائلي حافل بالإصابة بسرطان الثدي والقولون أو سرطان المَبيض، يكنَّ بحاجة إلى المناقشة مع الطبيب فيما إذا كان عليهنَّ إجراء فحص للتحرِّي عن وجود بعض هذه الجينات. 

وإذا وُجد أنَّ لديهن واحدٌ أو أكثر من هذه الجينات، فعليهنَّ أن يقرِّرن ما إذا كُنَّ يُردن استئصالَ المبيضَين جراحياً قبل ظهور السرطان؛ وهذا الإجراءُ لا يمنع حدوثَ السرطان دائماً، ولكنَّه يقلِّل من فرص حدوثه بشكلٍ كبير. 


تشخيص سرطان المبيض
يُوضَع تشخيصُ سرطان المَبيض عادةً بعد إجراء استجواب مُفصَّل عن التاريخ المرضي للمريضة وإجراء فحص سريريٍّ دقيق. كما يتمُّ إجراءُ فحوص شُعاعية للبطن، كالتصوير الطبقي المحوري‎ والفحص بالموجات فوق الصوتيَّة. 

يسعى الباحثون إلى اكتشاف اختبارات دموية نوعيَّة تساعد على الكشف عن سرطان المَبيض في مراحله المُبكِّرة؛ وهم يبحثون عن موادَّ كيميائيةٍ خاصَّة "واسمات" قد يكون لها صلة بسرطان المَبيض. وأهمُّ مادَّة مُرشَّحة الآن هيCA-125 ، ولكنَّ المنفعةَ من هذا الاختبار لم تثبت حتَّى الآن. 

تُجرى فحوصٌ شُعاعية أخرى لمعرفة ما إذا كان السرطانُ قد امتدَّ إلى الرئتَين أم لا. كما تُظهر هذه الفحوصُ ما إذا كان الورمُ قد سبَّب انسداداً في الجهاز الهضمي أو الجهاز البولي. 

يقوم اختصاصيُّ الباثولوجيا "التشريح المرضي" بدراسة عَيِّنة من النسيج لوضع التشخيص النهائي. وفي حال وجود سوائل غير طبيعية في البطن، يُمكن نزحُها بواسطة الإبرة والمِحقنة "السيرنج"، حيث يستطيع الاختصاصيُّ إجراءَ فحص نسيجيٍّ على عَيِّنة من هذا السائل. 

أمَّا الطريقةُ الأخرى للحصول على عَيِّنة من النسيج من أجل الفحص فهي الجراحة؛ حيث يُمكن أن تُجرى هذه العمليةُ عن طريق فتح البطن "بضع البطن" جراحيَّاً. كما يمكن إجراؤها بواسطة المِنظار أيضاً، باستخدام مناظير خاصَّة "جِراحَة تَنظيرِ البَطن‎". 

إذا كان السرطانُ موجوداً في المبيض فقط، ولم ينتشر إلى الأمعاء أو المثانة أو أعضاء البطن الأُخرى، فقد يقوم الطبيبُ باستئصال المبيض بالكامل، ويمكن أن يؤدِّي ذلك إلى الشفاء. 


علاج سرطان المبيض
تعتمد معالجةُ سرطان المبيض على المرحلة التي بلغها الورم، وعلى الحالة الصحيَّة للمريضة بشكل عام. وتكون الجراحةُ ضروريَّةً غالباً لإزالة الورم. 

يقوم الجرَّاحُ خلال العملية باستئصال كامل الجهاز التناسليِّ للمرأة، عدا المهبل، وذلك لضمان عدم بقاء أيِّ أثر للسرطان. وتُسمَّى هذه العمليةُ استئصالَ الرحم والبوقَين والمبيضَين التام بالجانبين. 

كما قد يقوم الجرَّاحُ في أثناء العملية باستئصال العقد البلغمية والثَّرب، وهو طبقةٌ دهنيَّة تُغطِّي مُعظمَ مُحتويات البطن. 

يحدِّد الجرَّاحُ في أثناء العملية أيضاً المرحلةَ التي بلغها الورم؛ وتُدعى هذه العمليةُ بالتصنيف. وإذا كان السرطانُ قد انتشر كثيراً، يقوم الجرَّاحُ باستئصال ما يُمكن استئصالُه من الورم. 

تُستعمَل المعالجةُ الكيميائية أيضاً لمعالجة سرطان المَبيض، حيث تقوم على استعمال أدوية كيميائيَّة لقتل خلايا السرطان. وتُعطى هذه الأدويةُ بعد الجراحة عادةً، وذلك لقتل أيَّة خلايا سرطانية مُتبقِّية. 

كما يمكن استعمالُ المعالجة الكيميائيَّة أيضاً في حال تعذُّر إجراء العملية الجراحيَّة، وذلك للسيطرة على نموِّ الورم وتخفيف الألم وغيره من أعراض سرطان المَبيض. 

تعدُّ المُعالجةُ بالأشعَّة طريقةً أخرى لمعالجة سرطان المَبيض؛ وهي تستعمل أشعَّة عالية الطاقة لقتل خلايا السرطان، حيث تؤثِّر المعالجة بالأشعَّة في خلايا السرطان في الانسجة المُعالَجة. 

يُستأصل المبيضُ المُصاب والبوق في الجهة المُصابة فقط عند المريضات الشَّابَّات اللواتي ما زلن راغبات بالإنجاب. وقد تُؤخذ عيِّنةٌ من المبيض الآخر أيضاً للاطمئنان بأنَّه غير مُصاب، وأنَّ السرطانَ قد استُؤصِل تماماً. 


الخُلاصة
سرطان المَبيض ليس شائعاً بكثرة؛ وتكون فرصةُ المريضات في الشفاء ونجاح المعالجة أكبر بكثير إذا اكتُشف المرضُ مُبكِّراً. 

يجب على النساء، اللواتي حدثت حالاتٌ كثيرة في أُسَرهن من سرطان المَبيض، إجراءُ فحوصٍ طبِّية متكرِّرة ومنتظمة أكثر من غيرهن. 

لقد أصبحت طُرُقٌ عديدة متوفِّرة، بفضل التقدُّم في العلوم الطبِّية، لمعالجة سرطان المَبيض

0 التعليقات:

إرسال تعليق