السبت، 22 أكتوبر 2016

سرطانُ الشرج


سرطانُ الشرج
 anal cancer هو نوعٌ نادر من السرطان، يصيب الجزءَ الأخير الأقصى من الأمعاء الغليظة.


أعراضُ سرطان الشرج
غالباً ما تشبه أعراضُ سرطان الشرج حالاتٍ أكثر شيوعاً وأقلّ خطورةً تصيب الشرج، مثل البواسير piles (haemorrhoids) والشقوق الشرجية anal fissures (تمزُّقات صغيرة أو قروح).
يمكن أن تشتملَ أعراضُ سرطان الشرج على ما يلي:
* النزف الشرجي (النزف المستقيمي rectal bleeding).
* الحكَّة والألم حولَ الشرج.
* كتل صغيرة حولَ الشرج.
* خروج مخاط (نزّ) من الشرج.
* فقدان التحكُّم بالبراز (سلس البراز bowel incontinence).
ولكن، لا يكون هناك أيُّ أعراض عندَ بعض المصابين بسرطان الشرج.
وفي حال ظهور أيٍّ من الأعراض السابقة، لابدَّ من زيارة الطبيب؛ ومع أنَّها من غير المرجَّح أن تكون ناجمةً عن سرطان الشرج، لكن يُفضَّل استقصاؤُها ومتابعتُها.


أسباب سرطان الشرج
لا يزال السببُ الدقيق لسرطان الشرج غيرَ معروف، مع أنَّ عدداً من العوامل يمكن أن يزيدَ من خطر الإصابة بهذه الحالة. وتشتمل هذه العواملُ على:
* العدوى بفَيروس الوَرَمِ الحُلَيمِيّ البَشَرِيّ human papilloma virus (HPV). وهو مجموعةٌ شائعة وغير ضارَّة عادةً من الفيروسات التي تنتقل بالاتِّصال الجنسي، ويمكن أن تصيبَ الأغشيةَ الرطبة المبطِّنة للجسم.
* الجماع الشرجي أو تَعدُّد الشركاء الجنسيين، ربَّما لأنَّ ذلك يزيد خطرَ الإصابة بفَيروس الوَرَمِ الحُلَيمِيّ البَشَرِيّ.
* وجود تاريخ لسرطان عنق الرحم أو المهبل أو الفرج.
* التدخين.
* ضعف جهاز المناعة، كما في المصابين بفيروس الإيدز مثلاً.
يزداد احتمالٌ الإصابة بسرطان الشرج مع تقدُّم العمر، حيث تُشخَّص نصفُ الحالات بعمر 65 سنة وأكثر.
تشخيصُ سرطان الشرج
يقوم الطبيبُ بالاستفسار عن الأعراض، ويجري بعضَ الفحوصات؛ حيث يقوم بفحص البطن، وإجراء ما يُدعى المسّ الشرجي (فحص المستقيم) rectal examination. وينطوي هذا الفحصُ على إدخال الطبيب لإصبعه بعد ارتداء القُفَّاز في قناة الشرج، بحيث يستشعر الشذوذات أو المشاكل التي قد تكون موجودة. ويُحِيل الطبيبُ المريضَ إلى المستشفى عندما يرى أنَّ من الضروري القيامُ بمزيدٍ من الاختبارات.
ويرى بعضُ الباحثين أن وجودَ كتلةٍ أو قرحة شرجيَّة غير معروفة السبب يستدعي الإحالةَ إلى المستشفى، حيث يُجرَى عددٌ من الاختبارات المختلفة لتحرِّي سرطان الشرج واستبعاد المشاكل الأخرى.
يمكن أن تشتملَ بعضُ الاختبارات على ما يلي:
* تنظير القولون السيني (تنظير السيني) sigmoidoscopy؛ حيث يُدخَل أنبوبٌ رفيع ومرن مزوَّد بكاميرا وضوء في الشرج للبحث عن أيِّ شذوذات.
* تنظير المستقيم proctoscopy، حيث يجري فحصُ باطن المستقيم والشرج باستعمال أداة تشبه الأنبوب (منظار المستقيم proctoscope)، مزوَّدة بضوء في نهايتها.
* الخزعة biopsy، حيث تُؤخَذ عيِّنةٌ نسيجيَّة صغيرة من الشرج خلال تنظير القولون السيني أو تنظير المستقيم، وتُفحَص في المختبر تحت المجهر.
إذا أشارت هذه الاختباراتُ إلى وجود سرطان الشرج، فقد يخضع المريضُ لبعض الصور لتحرِّي احتمال انتشار المرض. وبعدَ الانتهاء من ذلك، يستطيع الطبيبُ تحديدَ "مرحلة" السرطان؛ وهذا يعني وضعَ درجة تصف حجمَه ومدى انتشاره.


معالجةُ سرطان الشرج
بعدَ تشخيص سرطان الشرج، يمكن أن يُحالَ المريضُ إلى فريق متعدِّد الاختصاصات، يعمل أعضاؤه معاً لتقديم أفضل مستوى من الرعاية والمعالجة.
وفيما يلي المعالجات الرئيسيَّة لسرطان الشرج
* المعالجة الشُّعاعيَّة والكيميائيَّة chemoradiation.
* الجراحة، لاستئصال الورم أو جزء أكبر من الأمعاء.
في الحالاتِ التي يكون فيها السرطانُ قد انتشر ولا يمكن الشفاءُ منه، قد تكون المعالجةُ الكيميائية وحدَها الملاذَ الذي يساعد على تخفيف الأعراض. وهذا ما يُدعى الرعاية الملطِّفة palliative care.
وفيما يلي تفصيلٌ أكثر لهذه المعالجات الرئيسيَّة.
المعالجة الشُّعاعيَّة والكيميائيَّة
المعالجةُ الشُّعاعيَّة والكيميائيَّة هي التي تجمع بين المعالجتين الكيميائيَّة (بالأدوية القاتلة للسرطان) والشُّعاعيَّة (حيث تُستعمَل الأشعَّةُ لقتل الخلايا السرطانيَّة). وتعدُّ المعالجةَ الأكثر فعَّاليةً حالياً لسرطان الشرج. ولا يحتاج المريضُ في هذه الحالة عادةً إلى البقاء في المستشفى.
تُعطَى المعالجةُ الكيميائيَّة لسرطان الشرج على دفعتين أو مرحلتين عادةً، كلّ دفعة تستغرق 4-5 أيَّام بفاصل 4 أسابيع بينهما. وفي الكثير من الحالات، يُعطى جزءٌ من المعالجة الكيميائيَّة عبرَ أنبوب صغير يُسمَّى القثطار المركزي المُدخَل محيطياً peripherally inserted central catheter (PICC) في الذراع، حيث يمكن أن يبقى في مكانه إلى حين الانتهاء من المعالجة.
وهذا الأنبوبُ يعني أنَّ المريضَ لا يحتاج إلى البقاء في المستشفى خلال كل دورة كيميائيَّة علاجية. ولكن، يُوصَل المريضُ بمضخَّةٍ بلاستيكيَّة صغيرة تبقى معه في المنزل.
توفِّر بعضُ المستشفيات اليومَ معالجةً كيميائيَّة بالأقراص الدوائيَّة، وهذا ما يُجنِّب حاجةَ المريض إلى المضخَّة والقثطار المركزي المُدخَل محيطياً.
تُعطَى المعالجةُ الشُّعاعيَّة على جلساتٍ قصيرة عادةً، مرةً باليوم من الأحد إلى الجمعة أو حسب جدول المستشفى المعتمَد، مع راحة في عطلة نهاية الأسبوع؛ ويستمرّ ذلك 5-6 أسابيع عادةً. وقد يحتاج الأمرُ، عندَ التحضير للمعالجة الشُّعاعيَّة، إلى إجراء صور إضافية.
غالباً ما تسبِّب كلٌّ من المعالجة الشُّعاعيَّة والمعالجة الكيميائيَّة تأثيراتٍ جانبية مهمَّة، بما في ذلك:
* التعب.
* تقرُّح الجلد حولَ الشرج.
* تقرُّح الجلد حولَ القضيب والصَّفن في الرِّجال، والفرج في النساء.
* تساقط الشعر، ويقتصر ذلك عادةً على تساقط بعضَ الشعر من الرأس؛ ولكن، يكون فقدانُ الشعر كاملاً في منطقة العانة.
* الشعور بالتوعُّك.
* الإسهال.
تعدُّ هذه التأثيراتُ الجانبيَّة مؤقَّتة، لكن قد يكون هناك خطرٌ لمشاكل طويلة الأمد، مثل العُقم. وفي حال القلق من التأثيرات الجانبيَّة المحتملة، لابدَّ من مناقشة ذلك مع فريق المعالجة والرعاية قبل بَدء المعالجة.
قد تشتمل التأثيراتُ الجانبيَّة المديدة والمحتملة الأخرى على:
* مشاكل التحكُّم بالبراز.
* الإسهال المزمن.
* خلل وظيفة الانتصاب (العَنانة).
* الألم المهبلي عندَ الجِماع.
* جفاف وحكَّة في الجلد حولَ منطقة أعلى الفخذ (المنطقة المغبنيَّة أو الأُربيَّة) والشرج.
* النزف من الشرج أو المستقيم أو المهبل أو المثانة.
يجب إخبارُ الطبيب عندَ ظهور أيٍّ من هذه الأعراض، بحيث يمكن استقصاؤُها ومعالجتُها.
الجراحة
الجراحةُ هي الخيارُ العِلاجيّ الأقلّ شيوعاً لسرطان الشرج؛ ولا يُلجَأ إليه إلاَّ عندما يكون الورمُ صغيراً ويمكن استئصالُه بسهولة، أو إذا لم تنفع المعالجة الشُّعاعيَّة والكيميائيَّة.
إذا كان الورمُ صغيراً جداً وواضحَ الحدود، يمكن استئصالُه خلال إجراء يُدعى الاستئصال الموضعي local excision. وهو إجراءٌ بسيط نسبياً، يُجرَى تحت التخدير العامّ، وهو يتطلَّب البقاءَ في المستشفى لبضعة أيَّام فقط.
عندما لا تنجح المعالجةُ الشُّعاعيَّة والكيميائيَّة أو إذا عاد الورمُ بعدَ المعالجة، يمكن التوصيةُ بعمليَّةٍ أكثر تعقيداً تُدعى القَطع البَطنِيّ العِجانِيّ abdominoperineal resection. وكما هي الحالُ في الاستئصال الموضعي، تُجرَى هذه العمليَّةُ تحت التخدير العامّ.
يقوم القَطعُ البَطنِيّ العِجانِيّ على استئصال الشرج والمستقيم وجزء من القولون وبعض النسيج العضلي المحيط، وأحياناً بعض العقد اللمفية المحيطة (غدد صغيرة تشكِّل جزءاً من جهاز المناعة) للتقليل من خطر عودة أو نُكس السرطان. ويحتاج المريضُ إلى البقاء في المستشفى زهاء 10 أيَّام بعد هذا النوع من الجراحة.
خلال العمليَّة، يجري تشكيلُ فُغرة قَولونيَّة colostomy دائمة أيضاً للسماح بالتبرُّز، حيث يُحوَّل جزءٌ من الأمعاء الدقيقة من خلال فُتحَة مجراة في البطن تُدعى فُغرة stoma. وتتَّصل هذه الفغرةُ بجيبة خاصَّة يُجمَّع فيها البرازُ بعدَ الجراحة. ويمكن ان يحتاجَ المريضُ إلى بعض الوقت للتكيُّف مع هذا الوضع الجديد، بمساعدة فريق الرعاية.


المتابعة
بعدَ انتهاء شوط المعالجة، يحتاج المريضُ إلى متابعةٍ منتظمة لتحرِّي الشفاء وأيّ علامات لعودة السرطان. وتكون مواعيدُ الزيارة في البداية كلَّ بضعة أسابيع أو شهور، ثمَّ تتباعد بالتدريج.


المآل
يعتمد مآلُ سرطان الشرج على مدى تقدُّم الحالة عندَ التشخيص؛ فكلَّما كان التشخيصُ أبكر، كان المآلَ أفضل.
وبالمقارنة مع الكثير من الأنواع الأخرى للسرطان، يعدُّ مآلُ سرطان الشرج أفضل منها بشكلٍ عام، لأنَّ المعالجةَ فعَّالةٌ جداً غالباً. ويعيش نحو 88 في المائة من المرضى خمس سنوات على الأقلّ بعدَ التشخيص، والعديد منهما يعيشون أكثرَ من ذلك

0 التعليقات:

إرسال تعليق